كشفت مصادر مقرَّبة من المباحثات عن انهيار جولة المفاوضات (السرية) بين (الحكومة والحركة الشعبية – شمال) أمس، بسبب تمترس وتمسُّك رئيس وفد الحركة الفريق أول عبد العزيز آدم الحلو، القائد الأعلى للجيش الشعبي – شمال، بمطلب تقرير المصير وفترة انتقالية مدتها (10) سنوات، مع الاحتفاظ بقواته طوال الفترة الانتقالية سويا مع الجيش القومي، قالت رفضها وفد الحكومة برئاسة نائب رئيس الحزب الدكتور فيصل حسن إبراهيم، مساعد رئيس الجمهورية معتبرين إياها (خطاً أحمر)، مما أدت لتباعد الخطوط وانهيار جولة المفاوضات، غير أن الطرفين توصلا لاتفاق أن تكون خطوط اللقاءات مفتوحة بينهم، واقترح الحلو جولة مفاوضات رسمية بين الطرفين فبراير المقبل 2019 .
فيما أكدت ذات المصادر أن المفاوضات واجهتها بعض العقبات، حيث طالب وفد الحكومة بضرورة تمثيل النيل الأزرق ضمن وفد الحلو الذي جاء مكوَّناً من عناصر من جبال النوبة لوحدها، مما دعا الحلو لطلب عبد الله إبراهيم أوجلان للحاق بالوفد، بينما قالت المصادر، إن الحلو جاء المفاوضات مرتدياً بذته العسكرية ورتبة الفريق أول وكان متشدداً ومباهياً بجيشه، وقال إنه يتجاوز تعداده (75) ألف مقاتل، اعتبرها مراقبون رسالة للحكومة وللذين يطالبونه بوحدة شقي الحركة الشعبية – شمال، حيث ظل الحلو يرفض أي تقارب يجمعه مع صديقي الأمس، (عقار وعرمان) ويقول إنهما لا يملكان لا أرضاً ولا جيشاً .
من جانبه قال الخبير في فض النزاعات الدكتور فرح إبراهيم العقار والمستشار الأفريقي بشأن مفاوضات المنطقتين والأمين العام لتحالف قوى المستقبل للتغيير، أن طابع اللقاء السري بين الحكومة والشعبية بجوهانسبيرج (لقاءً استكشافياً) لمواقف تفاوضية جديدة، قال إن التركيز فيها كان على الجانب العسكري، مستدلاً بالبذة العسكرية التي كان يرتديها الحلو، وقال إن اللغة واللهجة التي سادت جولة التفاوض كانت عسكرية -أيضاً- في مقابل وفد مدني وكانت سبباً لفشل الجولة، ويعتقد العقار أن الحلو ملزم بمقررات مؤتمر كاودا ولا يستطيع الفكاك منه باعتباره مرجعية أساسية لموقف تفاوضي جديد، إلا بعد مشاورات مكثفة تقود للخيار الثاني (الحكم الذاتي) بصلاحيات واسعة والتي ظلت تطالب بها منطقة النيل الأزرق وتتبعها مطالبات أخرى .
غير أن العقار أكد أن المشكلة في المنطقتين تحكمها مرجعية القرار الدولي (2046)، حيث وصف المشكلة بأنها سياسية في المنطقتين ويتم حلها سياسياً والحركة الشعبية – شمال مصلحة فيها، وقال إن المعضلة أن الحلو يظل يرفض بشدة كافة المنابر والتحالفات التي طرفها (عقار وعرمان)، معتبراً مطالب الحلو أنها ليست مفاجئة لقوات متمردة تعتبر جيشها وسلاحها هو الضامن لها لتحقيق مطالبها، وقال إن المشكلة تحتاج لمزيد من التنازلات من قبل الطرفين لأجل الالتقاء في نقطة وسطية، وأكد العقار أن المشكلة في المنطقتين أساسها الأرض والتي بموجبها تأتي قسمة السلطة بكافة مستوياتها والثروة وغيرها، ويرى الخبير أن الحكم الذاتي بصلاحيات واسعة تعتبر أفضل الخيارات لتجنيب البلاد المزيد من التمزق، ولا يستبعد العقار أن تنشط ضغوط (دولية وإقليمية ومحلية) تقود جميعها لحل مشكلة المنطقتين في إطار الحل الشامل للقضايا السودانية .
من جانبها تساءلت الحركة الشعبية (جناح عقار وعرمان) لماذا ظل المؤتمر الوطني يركض كثيراً خلف الحلو وهو متعنت؟ مؤكدة أنها مع تنفيذ القرار الدولي (2046) ومع القرارات الأفريقية (539) وغيرها ومع خارطة الطريق التي وقعوا عليها، كما أكدت من خلال آراء وكتابات وبيانات منشورة، تمسكها بوحدة الحركة والقيادة الموحدة، وقالت إنها ترفض بشدة مطلب حق تقرير المصير وفق خيار عضوية الحركة القومية، ولكنها تطالب بالحكم الذاتي للمنطقتين بصلاحيات واسعة وترتيبات خاصة وإعادة هيكلة السلطة في المركز وإصلاح القطاع الأمني، كما أنها ترفض -أيضاً- وجود جيشين في السودان ولكنها تطالب بهيكلة كافة المؤسسات القومية على أسس عادلة، وقالت إنها ليست أكثر حرصاً على من يقود الحركة بقدر ما يهمها بناء مؤسسات فاعلة بصورة صحيحة وتحديد الأجندة المحورية التي ترتكز عليها الحركة والتي ستحدد من يكون رئيساً ونائباً وأميناً عاماً وغيره من بقية بناء الهياكل .
وقالت الحركة الشعبية (عقار وعرمان)..
إن الحلو حاول كثيراً إلغاء دورها ووجودها العسكري، ودافعت بشدة وقالت إن لديها جيشاً معتبراً ويحتل مساحة معتبرة بالنيل الأزرق، مؤكدة أن اتهامات الحلو لها لا صلة لها بالواقع، ولكنها عادت وقالت إنها التزمت بوقف إطلاق النار ولا تريد الدخول في مزيد من الحروب .
من جانبها استنكرت قيادات سياسية اتجاه الحكومة للقاءات ثنائية مع الحلو، وقالت إنها أكثر تخوفاً أن تقود لاتفاقات ثنائية كتجربة نيفاشا المشؤومة.
صحيفة الأخبار