هل تذكرون تجربة الدكتور محمد طاهر ايلا حينما كان والياً للجزيرة ودخل في مواجهة مفتوحة مع قيادات في المؤتمر الوطني وعدد من (كباتن السياسة) بسبب اغلاقه (مواسير) الصرف البذخي وتوجيه موارد الانفاق لمصلحة التنمية والخدمات.
في ذلك الوقت، وقبل اكثر من عامين، نشبت معركة حامية الوطيس انتهت بحل المجلس التشريعي وفصل 19 من قيادات الحزب الحاكم واعلان حالة الطوارئ.
وفر ايلا موارد كثيرة فاقت توقعات وارقام الموازنة، لم يفعل الرجل سوى إلغاء الوظائف السياسية التي كان يعتاش عليها العاطلون عن العمل من اصحاب الجلابيب البيضاء الناصعة والشالات المطرزة، اوقف رواتب وحوافز كان يتقاضاها الموتي، ادخل نظاماً للتحصيل الالكتروني ووضع حداً لممارسات المتحصلين المستهبلين واعاد الاموال للخزينة العامة، كان عدد المتفرغين من المعلمين في الجزيرة يربو عن الألف كلهم يمتهنون السياسة يغادرون المدارس ثم ينصرفوا لاعمال التجارة والبزنس مستفيدين من ميزات التمكين، عدد الاطباء المعينين في مستشفى مدني بلا وجود كان أكثر من أسرَّة المستشفى (جمع سرير)..
حينما سألت ايلا ونحن مجموعة من الصحفيين زرناه في قصره حينها وتناولنا معه (وجبة فول)، عن الموارد التي اعتمد عليها في انجاز مشروعات الخدمات، كان رده سريعاً ومقتضباً، (وفرت موارد بقفل المواسير التي كانت تسرب المال العام) .
المجلس التشريعي مثلاً صادق في ذلكم العام على 34 مليون جنيه للتعليم لكن ايلا انفق ثلاثة اضعاف المبلغ، تم اعتماد ثلاثة ملايين جنيه للانترلوك لكن الرجل صرف 73 مليون جنيه، المبلغ الذي كان مصدقاً للطرق 33 مليون جنيه لكنه قفز الى 430 مليون جنيه، فعل ايلا كل هذا لانه وضع يده على اموال عامة كانت تتبدد بالاستهبال السياسي والاساليب والممارسات الفاسدة.
من المتوقع ان يعمل ايلا على تطبيق (نظرية المواسير) من موقعه الحالي في رئاسة الوزراء، بل ومن الواجب عليه ان يحاصر مظاهر الفساد والانفاق العبثي على المشروعات والبرامج الوهمية، ترى كم من ممتهني السياسة سيحيلهم ايلا الى المعاش الاجباري في مرحلة لا تحتمل تسرب المال العام في (المغطى وفاضي وخمج)، كم من كشوفات الانفاق الكاذب تنتظر التدقيق بواسطة نظارة ايلا وقلمه الاحمر، رواتب وحوافز احياء وموتي، انفاق على التفرغ السياسي والبرامج الوهمية واللافتات المنصوبة من اجل الكسب والجبايات والاسترزاق باسم السياسة.
أتوقع ان يتكرر سيناريو المواجهة بين ايلا ومراكز القوى والنفوذ التي ستتضرر بقفل المواسير، ذات المظاهر التي وجدها ايلا بالجزيرة في صراعه مع الدوائر المستفيدة من سيولة الضوابط المالية سيجدها في الخرطوم حيث المركز الموبوء بالكثير من المواسير.
أتمنى ان ينتبه القائمون على الامر الى معارك قادمة ستضع ايلا في مواجهة مراكز النفوذ، على رئيس الوزراء ان يجهز نفسه لمعركة طويلة نتمنى ان ينجزها بالحسم المطلوب، نجاحه في اغلاق المواسير سيعود بالخير الكثير على اقتصادنا الوطني وقبل كل هذا نوصيه بشن حرب لا تبقي ولاتذر على الفساد اكبر مواسير الحكومة.
اليوم التالي