*لماذا نتطير من البومة وهي جميلة؟..
*ولماذا نتشاءم من الغراب وهو لا يقل عن طائر البوم جمالاً؟..
*ولماذا تنقبض نفوسنا من الرقم (13) وهو مجرد رقم؟..
*ولماذا تمتنع نسوة عن غسل ثيابهن يوم الأربعاء…وهو من أيام الله؟..
*وتتناسل أسئلة مشابهة عديدة من هذه المفردة الاستفهامية..
*ولا تمشي جميعها على رجلين من أرجل المنطق…وإنما تتخبط في ظلام الجهل..
*وتتقبلها عقول الكثيرين منا وكأنها مسلمات…لا تقبل جدالاً..
*وعباس العقاد كان يضع مجسم بومة على مكتبه…ولم يُصبه سوى التهاب القولون..
*ولم تجرب امرأة بشمالنا النوبي أن تغسل يوم الأربعاء..
*ثم تنظر – من باب التجريب – إلى ما يمكن أن يحدث لها…أو لثيابها…أو لعيالها..
*لن يحدث شيء قطعاً ؛ ولكن الخوف يشل إرادة التجريب..
*إنه مثل خوف بعضنا من الظلام.. رغم جهلهم بما يكمن لهم فيه..
*فتعطيل العقل يسبب فراغاً منطقياً تملأه الخرافة..
*ورويت مرة قصتي مع الرقم المشؤوم – زعماً – خلال زيارتي مدينةً ما..
*فقد قيل لي إن الفندق مزدحم…وما من غرفة خالية سوى واحدة..
*وهذه الواحدة – قالها موظف الاستقبال محدقاً في وجهي – هي ذات الرقم (13)..
*فقلت له (طيب وماله؟)…أليست غرفة كاملة الدسم الخدمي؟..
*بل وكانت الخدمة فوق المعتاد…وكأنما أُشفق علي مما ينتظرني..
*ولكن لم ينتظرني شيء سوى (سرسرة) ماء من صنبور الحمام…ليلاً..
*فأسرعت إليه متسائلاً (صدقت الحكاية ولاَّ إيه؟)..
*وطبعاً لم تصدق…وإلا لما كنت أكتب كلمتي هذه مستنكراً (تغييب العقل)..
*والغريبة أن هذا الجهل لا نستثني منه حتى السياسة..
*فنميري قيل أن عصاته الشهيرة فيها (تعويذة) من شيخ كبير تضمن له البقاء..
*يعني مهما يفعل في وطنه – ومواطنيه – فلن يحدث له شيء..
*ولكن ما أن صاح (ما في قوة تقدر تشيلني) حتى (شاله) الشعب عبر ثورة مفاجئة..
*أو ربما (شاله) الله…عبر الذين اُستضعفوا في الأرض..
*وبدلاً من (الشيء) حدثت له أشياء…وأشياء..
*والآن نسمع نغمة الإنقاذ كاتبة الناس كي يعجزوا عن (شيلها) ؛ مهما فعلت فيهم..
*وما فعلته فيهم لم تفعله (مايو)…ولا أي حكومة أخرى..
*ورغم ذلك فإنها تظل تحكم…وتفعل…إلى أن قاربت الثلاثين من العمر..
*فهل معنى هذا أن الشعب (مشى فيه العمل…واستكان)؟..
*أو مصيره أن يستكين مهما فرفر…وصرخ…وزمجر؟..
*قطعاً لا ؛ وإلا لكان الدولار أولى بأن يُعمل فيه مثل هذا (العمل)… ليستكين..
*فدعونا لا نستكين نحن لخرافة العقل…عوضاً عن منطقه..
*ولنواجه مصادر خوفنا بالمنطق…فسنكتشف إنها ليست مرعبة في ذاتها..
*بل قد نكتشف فيها جمالاً…كجمال انهيار (رعب) مايو..
*أو كجمال بومة عند الدجى!!.
الانتباهة