لا ادرى كيف ابدأ هذه المأسآة وكيف اصفها وبأى العبارات أخطها مأساة ظلت تتكرر كل عام نمت وتطورت حتى اصبحت (شبحا) يطارد الآباء والأمهات (رسوم المدارس).. اليوم ومع بذوق الفجر واطفال المدارس يسدون الطرقات متجهين نحو مدارسهم يرن جرس هاتفى وكعادتى انى ارد على جميع الارقام حتى وان كنت لا اعرف هوية (المتصل).
المكالمة كانت لامرأة من مواطنى محلية امدرمان منطقة ابو سعد حدثتنى بصوت مبحوح متقطع حتى انى كررت لها مرتين عبارة (لا اسمعك.. ارفعى صوتك شوية) لكن العبرة كانت تسد حلقها وبعد صمت منها لبرهة استجمعت قواها واطراف حديثها وقالت لى: انها ذهبت بإبنها هذا الصباح لمدرسة(…..) التى تجاورهم وهى مدرسة حكومية بإمتياز لتسجيل ابنها فى الصف الأول لهذا العام فطلب منها مدير المدرسة مبلغ (5000) الف جنيه (رسوم تسجيل) اى والله خمسة مليون بالتمام والكمال لتلميذ فى الصف الأول وفى مدرسة حكومية.
وان زوجها عامل بسيط لم ولن يستطيع لذلك سبيلا وسكتت.. سألتها ان كانت دفعت المبلغ ام لا فقالت لى دفعت جزء حتى لا يضيع مستقبل ابنى فقلت لها خير انهت المكالمة ثم حزمت امتعتى وتوجهت الى مدرس اساس حكومية بجبرة وليتنى لم اذهب عدد المعلمين الذين كانوا حضورا لا يتجاوز الاربع بما فيهم مديرة المدرسة التى وضعت لها (تربيزة) وكرسي وامامها مجموعة مباشرة مجموعة من اولياء الأمور تتحصل منهم رسوم قدرها(1500)ج من كل تلميذ للصف الاول.. نعم تتحصل هذا المبلغ وبنفسها (شوف عينى) لا تلفون لا قصة مواطن والقروش (مردومة) فى الدرج (الفوق).
اما التعليم الخاص فقد ضرب بقرار الوزارة والوزير ارض الحائط وزاد الرسوم اضعاف وقد ذكر لى احد المعلمين ممن استطلعتهم ان مبلغ ال(5000)الف جنيه الذى ذكرته له يدفع البعض اضعافه فقط للترحيل.
سيدى وزير التربية والتعليم ولاية الخرطوم كل مانقوله لك اليوم وانت تقرع جرس بداية العام الدراسى انكم نحرتم المواطن فى ولاية الخرطوم بسكين صدئة.. نعم نحرتم المواطن حين تركتم سوق المستلزمات المدرسية لجشع التجار ولم يمن الله عليكم بكلمة (بغم) حتى ارتفع سعر (الكراس) الواحد من جنيهين وثلاثة لعشر جنيهات.. نعم نحرتك المواطن حين تركتم الحبل على القارب ل(مجلس تربوى قوامه) شخصان او ثلاثة يتحكمون فى مستقبل الاف التلاميذ واسرهم ليفرضون ماشاءوا من الرسوم حتى وان كانت فوق مقدرة وطاقة المواطن المغلوب على امره.. نعم يفرضون رسوما لاحدها لها ولاسقف تبدأ بجنيهين الكهرباء اسبوعيا وتنتهى برسوم طباعة الامتحان الصغير والكبير.
نعم نحرتم المواطن حين سمحتم لتجار الجشع الذين يتاجرون فى التعليم.. نحرتموه حين سمحتم لمدرسة من (غرفتين وبرندة) ان تسوعب تلاميذ عليهم امل الأمة ومستقبل البلد.
سيدى وزيرة التربية الخرطوم اليوم اوغدا سترحل وان الله لسائلك عن هؤلاء جميعا.. ستقف امامه ربك وسيسألك عن هذه الدموع والآهات والأنات والأوجاع التى تراها اليوم بأم عينك ولم تحسم امرها او تغيل عثرتها.
اللهم انى قد بلغت فأشهد ..
سودان برس