* أتاح المناخ الاتصالى وبروز الاعلام الجديد والتقنيات الاتصالية تدفق المعلومات بصورة يصعب السيطرة عليها وزاد تأثير اعلام المواطن على اعلام المؤسسات مما جعل الفضاء خصباً للشائعات.
* والشائعة في عصر اليوم أصبحت سلوك مخطط ومدبر تقوم به جهة ما أو شخص لينشر معلومات أو أفكار غير دقيقة أو أحاديث أو نوادر أو تقارير مختلقة مجهولة المصدر توحي بالتصديق.
* إن الشائعات في مجملها تهدف إلى تشويه صورة أو التأثير في شخص ما أو في الرأي العام المحلي أو الإقليمي أو الدولي تحقيقاً لأهداف المصدر سواء كانت سياسية أو أمنية أو غير ذلك.
* ويعد إبليس عليه لعنة الله أول من روج للشائعة الكاذبة تحت مسميات براقة وشفافة لتحسين القبح فقد دخل على سيدنا آدم وأمنا حواء من باب تحبه النفوس وهو باب الخلد في الدنيا والملك فيها.
* وقد عانى الأنبياء جميعاً من الشائعات التي أطلقها عليهم الكاذبون والجاحدون برسالتهم فقد أشاعوا أنهم سفهاء وأنهم سحرة وأنهم كذبة كما أطلقوا حولهم شائعات تمس الشرف وذلك لينصرف الناس عنهم وعن قبول دعوتهم.
* لقد أشاعوا عن سيدنا نوح عليه السلام الضلال والجنون وتعرض سيدنا يوسف عليه السلام لشائعة كاذبة من إمرأة العزيز واتهموا سيدنا موسى بالسحر والجنون.
* أما المصطفى صلى الله عليه وسلم فقد التقى مع اخوانه الأنبياء في هذا الملتقى في مرمى الشائعات التي حوربوا بها ورموه بالشعر والسحر والكهانة والجنون.
* إنّ التنفيس عن حالة (الكبت) تعتبر من أهم دوافع الشائعات عند الأفراد ففي أعماق بعض الأفراد كثير من الأشياء يخجلوا من الاعتراف بها حتى لنفسهم وهذه الحالة يطلق عليها اصطلاحاً (الكبت) وتجعل الشخص يميل إلى التخيل أو المغالاة في وجود هذه المشاعر في الآخرين فبعض الأفراد يحتفظون بسلوك سلبي في داخلهم ويضربون عليه السرية ويتهمون به الآخرين بهتاناً ويطلقون الشائعات الكاذبة للمحافظة على احترام الناس لهم.
* أيضاً حالة القلق والخوف التي يعاني منها الإنسان قد تكون دافعاً لترويج الشائعات وهي تجعل الإنسان مستعداً لأن يتوهم أموراً كثيرة ليس لها أساس من الصحة.
* ويحدث في بعض الأحيان أن يكون الدافع لنشر الإشاعة حب الفرد للظهور والتظاهر بالعلم ببواطن الأمور متوهماً أنه بذلك يصبح مهماً امام الناس فيقوم بسرد أخبار عن موضوعات لا يعرفها المجتمع فيقول مثلاً: (سمعت من مصدر حكومي كذا … وكذا …) أو ينقل حديث مسؤول خاص إلى جلسة عامة، وهنالك أناس ينقلون مثل هذه الأحاديث إلى مواقع الإنترنت فتتسع دائرة الإشاعة.
* إن تحقيق المصالح الشخصية عديدة وتختلف وفقاً للمصدر فالحكومات تنشر الشائعات لكسب التأييد الشعبي أو لإلهاء المواطنين عن قضايا حقيقية أو لإضعاف الخصوم بينما يمكن أن تعمل أحزاب المعارضة نفس الشيء لتحقيق هذه الأهداف والأفراد يطلقون الشائعات للتنفيس عن مشاعر الكراهية أو العدوان على الآخرين أو للانتقام والتشهير كالشائعات التي تطلق على الفنانين ورجال الأعمال.
* إن الفراغ الذي يعيشه البعض سواء من الرجال أو النساء له تأثير قوي على بث الشائعات وسريانها بين الناس وهذا ما نلمسه بصورة واضحة في كثير من نهارات بلادي حيث جلسات (القهوة) التي تحرص عليها الجارات، كما أن تجمعات الشباب العاطل عن العمل وتبادل المعلومات على مواقع التواصل الإجتماعي يعتبر من أهم قنوات الشائعات.
* إن الدوافع القوية المؤدية إلى تصديق الشائعة في السودان هو أن الناس غالباً يميلون إلى عدم التثبت من صحة ما يقال في كثير من الأحيان فهم دائماً يعتقدون أنه (لا دخان بلا نار).
* أما في الحالة السودانية فإن مشكلة الشائعات تتعلق باختفاء ونقص المعلومات فحين تختفي المعلومات تتفشى الشائعات وهنا لا بد من سياسة كلية لتمكين المواطنين من المعلومات الرسمية وبسرعة حتى لا يتعرض لها مشوهة من مصادر اخرى
* من الأفضل دائماً أن يقوم بتكذيب الشائعات شخصيات كبيرة وهذا ما نفقده في الحالة السودانية والتقنية الجديدة أن يكون تكذيب الشائعة بطريقة غير مباشرة دون أن يعيد ذكر الشائعة أو يكشف مصدرها وقصد مروجيها منها وهذا يتطلب مهارة لمن يتصدى لهذه المهمة.
* إن البعد الاجتماعي والسياسي يجب أن يسبق الجوانب الأمنية في الحالة الإعلامية خاصة تلكم التي تتعلق برأس الدولة والشخصيات الكبيرة والاحداث المهمة.
* وهذا يتطلب منهجاً تخطيطياً إيجابياً في التعامل مع الأزمات من خلال دائرة مختصة في هذا الشأن حتى يتم توجيه التحليلات للمراقبين من خلال توفر المعلومة والبعد عن ما نعايشه الآن من التحليلات الإعلامية الافتراضية الخالية من المعلومات.
سودان برس