مرت الذكرى الـ(٥٤) لثورة أكتوبر والسودان شعباً وحكومة، مشغول بفستان!.
ذكري أكتوبر تطل من عيون الناس، وبعضنا ترك كل شيئ وجعلَ من بنطلون في حفل عام، حدثاً يُعادل تقطيع أوصال الخبر بالمنشار.. ما أكثر الأمور الانصرافية في حياتنا.. لم نفرغ لهدوء توسنامي (أوبجكتيف) الذي نفجّر إثر مداخلة قوية من الآنسة وئام شوقي، حتى أعلنت الحالة السودانية عن نفسها مرة أخرى،، حتى أعلن الأرصاد المتخصص في أجساد النساء، عن تحرك إعصار بنطال جديد، فضجت الأسافير، والفيل نائم في العسل، والكل يطعن في ظله!.
بين الفينة والأخرى، ينشغل الراي العام العالمي ببلوزة أو طرحة سودانية، بينما عاصمتكم قذرة، وشوارعها تحفل بالبرك والحفر…. بلد كالسودان عمره سبعة آلاف سنة أو يزيد، يفتقر إلى متحف أثري تُشد إليه الرِحال. بلد باتساع السودان، دون حديقة حيوان، بذات الوصف وبهاذ الإسم،، وللأسف كانت لنا أيام!!.
العالم ينشغل بقضية حرية التعبير، وبخاشوقجي كلٌ من زاويته، وبننوي ايران، وبالجيل الرقمي القادم،،، ونحن الذين تستهلكنا صفوف العيش، يتخصص بيننا أصحاب الصوت العالي في مراقبة التنانير.. تنانير النساء..
يا سيدي، النساء في هذا البلد كن يلبسن الرّحَطْ والقُرباب، ولم يحدث شيئ مثل هذا.. الهجمة على المرأة تزداد كل يوم مع تفشي الهوس الديني.. الهجمة تزداد ضراوتها على بنات حواء منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي.. النساء كُنَّ أكبر من استضعِف في هذه الأرض، يستغلهن المجتمع الذكوري ويشيئهن ويحولهن لمجرد جسد ويحصرهن في الملبس.
قبل هذا، كان المجتمع السوداني أكثر انفتاحاً وتقبلاً لفكرة تحرير المرأة. كانت مكوناته المختلفة تتقبل خروج المرأة للمنشط العام وتنظر فعلها، وتقوم الأسر بتقييم مشاركاتها، وتصحح ما تراه فالتاً من سلوك.. كانت للمرأة قضايا معلقة، لكن حركة التاريخ وقوانين التطور الاجتماعي كانت تضمن لها الصعود بصورة تلقائية نحو الحل الطبيعي،، لولا،، لولا تدخل الهوس ومؤسساته الغاشِمة التي قادت البلاد والعباد لظلام دامس..
السودان اليوم يعاني من انتكاسة في سلم التطور. هذه الانتكاسة فاقمت بيننا أمراض الجهل والفقر والحروب. بلادنا تشهد فساداً وانفلاتاً في كل مرفق.. دعك من كل شاحبٍ تراه في وجوه السودانيين، فانفلات السوق يطحن ويسحق، بينما الدولة بدلاً من أن تضطلع بمهمة تخفيف العبء على مواطنها البسيط، تبادر نحوه بحملات انتقامية، لترهيبه عبر قوانين فضفاضة وجائرة.
ستظل تشاهد الى مدى ليس بالقصير، نساء كادحات، لا ظهرَ لهُنَّ فيجلدن على بطونهن، وجلادهن يقهقه وكأنه يشاهد فيلم كوميدي…هل هؤلاء يستشعرون أزمات البلد؟.
هؤلاء لا يعنيهم سوء اقتصادنا ولا تدهور الرعاية الصحية والتعليم، ولا ولا.
يقولون أن لبس المرأة، هو سبب التحرش بها، لكننا نرى دولاً اسلامية وعربية حولنا، تمشي في شوارعها النساء معززات مكرمات، بما شاء الله لهن من ملبس، ولم نرصد نظاماً في تلك البلدان، بمثل هذا الحَوَل الفكري!.
ما هو أصل وفصل هذه الحالة السودانية العجيبة؟.
سودان برس