نحن طلاب بجامعة السودان كلية الإعلام، كانت حينها ثقافة الكمبيوتر جديدة امتلك صديقي (القدال) إحداها كنا نذهب إليه للتصفح أو الكتابة جئنا إليه في موسم خريفي لكن بكل أسف اعتذر لنا بعطل الجهاز (يازول امبارح مش كان شغال) (والله جات مطرة بليل ونزلت الموية من العرش سقت الجهاز هسي خاتي في الشمس) واصبحت مقولة أوضة القدال السقتا موية المطر وتحتا الكمبيوتر) ..
فأرض التاكا تنزف دما ودمعا والفيضان يتمدد في نهر النيل ودرملي والكلاكلة ويتكيء على شارع النيل والتماسيح بمنحنى النيل بحزيمة والكرو ومقاشي تنوم بجانبهم وشباب الثورة يترسون شارع النيل تلدغهم العقارب ولامصل لهم وأولاد الأهالي بتوتي يترسون البحر باجسادهم (عجبوني الليلة جوا ترسوا البحر صددوه .. المركز جاب الإشارة ماشالونا بالطيارة).
الطائرة حينها كانت تهبط بمطار جوبا تقل متبقي الوفد الرئاسي بقيادة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، ورئيس مجلس الوزراء دكتورحمدوك يصل قبله يحجز معقده لترتيب آخر فصول توقيع اتفاقية جوبا مع (حركات الكفاح المسلح) برعاية دولة جنوب السودان على أنغام الفنانة ندى القلعة.
لا شك أن السلام ضرورة قصوى لايمكن تجاوزها في ظل ما عاشه أهل السودان من قتل وتهجير حتى أصبحوا بمعسكرات النازحين، لكن هل كان الوقت مؤاتيا لعمل (الزفة) والفيضان يهدد العباد وحالات الوفاة تقارب 100، وعشرات مثلهم فقدوا المأوى تهاوت أعمدة المنازل عليهم فكان للحكومة رد الاعتبار لقدر هؤلاء البسطاء فقد فقدوا كل ما يملكوا.
الدكتور حمدوك والسيد والي الخرطوم (لا بفلقوا ولا بجيبوا الحجار) والسيد البرهان محاولة خجولة لتطييب الخواطر للمتأثرين جنوب الخرطوم (أن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي) وحياة الناس مقدمه على السلام وعن أي سلام تتحدثون ألم تكن ذات الوجوه التي الفناها في العهد البائد وتم عمل اتفاق الدوحة وغيرها وقبضوا الدولارات مع السلطة الانتقالية لدارفور مع ناس(السيسي)..
أين ذهبت تلك الأموال لم نرى منارة في دارفور سوى الجوع والفقر وامراض الماضي من (الجرب) تصيبهم لاصحة ولاتعليم ، أنهم يتاجرون بدماء أبنائهم البسطاء في المعسكرات وهم حالمون في الفنادق وشقق (الشانزليزي) ولا يعرفون معاناة اهلهم حتى حديثهم أصبح بين الانجليزية وتكسير العربية.
وعبر التاريخ السياسي القريب كل الاتفاقيات التي وقعت في الدوحة وغيرها لم ترتضي (القلوب) إنما ارضت (الجيوب) والقفز بالزانة إلى مراكز السلطة .. مساعد الرئيس ووزراء الصحة حتى امتلكوا العمارات النواصي (وضربوا) مشوي وسلات البوفيه المفتوح وموية الصحة (وعملو رايحين)، وان كانت هناك قضية يقاتلون من أجلها تحل في مهدها حين يحكم العقل والضمير وحب الوطن بعيدا عن صوت البندقية وقتل الأبرياء.
فأصبح التمرد تجارة رابحة تدر المال و الذهب والسلطة ومن الصعب أن تتخلى (حليمة عن قديما) ، حتى فرحة الإحتفال كانت منقوصة لان عبدالواحد نور و (الحلو) (الكستر) لم ياتوا وربما أتى (الرز) وحده، هل يعقل عشرات الحركات المسلحة غربا وإذا سئلوا يكون الرد (التهميش).
بالله عليكم زورا أرض المناصير شمالا حتى تروا التهميش بعينه الناس تسكن بين الصخور والأطفال تلغدهم العقارب فيموتون وتغرق مركبهم لعبورهم الضفة الأخرى ذهابا للمدرسة، واسالوا عن وادي حلفا والجزيرة والبطانة ومنحنى النيل حتى تعرفون من هم المهمشين بل هم الأموات الاحياء.
وإن لم تخلص النوايا لحب هذا الوطن ستقود هذه الإتفاقية إلى (بأي باي وسخ الخرطوم) على قول ناس الحركة الشعبية بعد الاستفتاء وتحقيق الإنفصال ودارفور والنيل الأزرق ليس بعيدة عن ذلك (الحكم الذاتي وتقسيم الموارد والمشاركة في السلطة) وهي الحركات دي (مكانا وين) ..!! والحكومة لازالت سنة أولى في كيفية الاتفاق والمطالب (سقف المطالب) وصولا للمطلوب.
وماحققته الحركات المفاوضة كان انتصار (سته صفر) ضد حكومة البرهان العسكرية وحمدوك المدنية، فالحفل كان باهتا ومسيخا حتى لو تمايلت ندى القلعة وطالما ليس هنآك خت للنقطه (الليلة هوي ياجنا) .. وغاب الفرح عن دار اندوكا وفاشر ابوزكريا كان اشبة بعرس (المرأة العزبه) مراسم فرح خجولة واهل العروس الأكثر فرحا لأن عروسهم قد بارت وفات عليها الفوات استطاعت خطف عريس كامل الوسامة فالسودان اليوم يعاني مواطنيه من كدر الحياة ليعيش.
وصفوف الوقود تتمدد وقطوعات الكهرباء وانعدام الغاز وغلاء الأسعار وجيوش الذباب والباعوض والفيضان يداهم القرى وتماسيح النيل (ساكا) الناس و(تماسيح) البشر ترفع الدولار قرابة 250ج والمواطن قال (الروب).
حتى لا تصبحوا مثل القدال سقف البيت (مخرخر) موية وفاتح الكمبيوتر فكان أولى إصلاح حال البلد المخرره ومن ثم النظر لاتفاقية (النطيحة العرجاء) .. والحركات المسلحة إن كانت تقاتل حكومة الإنقاذ فإن الانقاذ قد ماتت وأن كانت تقاتل أهل السودان فإن السودان حي لايموت) .
(كتبت المقال وأنا واقف في صف البنزين).