تعرض ثلاث صحفيات للتهديد خلال يومين.. بيانات واستنكارات
تقرير: محمد أحمد الدويخ
سيدة الصحافة:
قبل أكثر من خمسين عاما انطلقت مسيرة الصحفية السودانية الرائدة آمال عباس العجب مطلع العام ١٩٦٩.م والتي اطلق عليها الأديب العربي الكبير نجيب محفوظ صفة (السودانية الواعية) إلى جانب القاب كثيرة منها سيد الصحافة السودانية ..وتعد الاستاذة آمال عباس اول صحفية سودانية متخصصة تتقلد منصب رئيس تحرير جريدة سياسية يومية بالسودان وان سبقتها المناضلة والسياسية فاطمة احمد ابراهيم عام 1955.م في تقلد رئاسة تحرير مجلة (صوت المراة) لسان حال الاتحاد الاتحاد النسائي السوداني ..غير أن عطاء الصحفيات السودانيات ظل يواجه بالكبت والتضييق والتهديد كما حدث خلال هذا الاسبوع حيث تعرضن ثلاث صحفيات إلى تهديدات ومضايقات دفعت ببعضهن إلى التحقيق بالنيابة واقسام المباحث.
ورغم العطاء الطويل الذي قدمته تلك الصحفية الرائدة آمال عباس على بلاط صاحبة الجلالة الا انها انتظرت أكثر من (30) عاما حتى تصبح اول صحفية سودانية تتقلد منصب رئيس التحرير ، حيث ترأست تحرير صحيفة (الرأي الآخر) في العام 1999.م بعد تجربة اعلامية ذاخرة بالعطاء الكتابي والفكر الرسالي والرأي الذي سكبته في أكثر من زاوية صحفية عبر اعمدتها الصحفية (العمق العاشر)..(صدى) و (مرافيء النجوم) وكل لها معانيه ومدلولاته حسب الحقب الزمانية التي كتب فيها.
شيرين وزمزم وهنادي..أقلام في مواجهة السلطات:
قبل انطلاقة المليونية التي نادت بها لجان المقاومة السودانية في الواحدة من نهار الخميس 16 يونيو 2022.م تعرضت الصحفية هنادي عثمان لايقاف سيارتها من قبل مجموعة استخدمت القوة في تفتيشها بشكل عنيف مما أحدث تلفا بابواب السيارة واقتادوها عنوة إلى مكاتب التفتيش.
وفي ذات التوقيت أخضعت الصحفية شيرين أبوبكر رئيس قسم الجريمة بصحيفة السوداني الدولية للتحقيق على مدى ثلاث ساعات من قبل المكتب التنفيذي للنائب العام للكشف عن مصادرها داخل النيابة عن خبر نشرته يكشف عن اتجاه تنفيذ اضراب داخل النيابة العامة حيث تم التحقيق معها من قبل اثنين من وكلاء النيابة مارسوا الضغط عليها للكشف عن مصادرها لكنها رفضت وتم الإفراج عنها وسط موجه من الاصوات الصحفية التي استنكرت الحادثة.
فيما تلقت الصحفية بولاية شمال دارفور زمزم محمد خاطر تهديدا مباشرا من مدير شرطة ولاية شمال دارفور اللواء شرطة نصر الدين صالح عبدالرحمن على اثر خبر نشرته يوم الأربعاء ١٥ يونيو ٢٠٢٢.م يفيد بالقبض على عربة افانتي بطريق كتم الفاشر على متنها ثلاثة افراد منهم اثنين يتبعون لشرطة مكافحة المخدرات.
حيث استنكرت أسرة الصحفية زمزم في بيان تحصل موقع (سودان برس ) على نسخة منه استنكرت تهديد مدير الشرطة المباشرة لابنتهم بقوله الصريح والموثق علنا امام الصحفيين بقوله :
الخبر الذي نشرتيهو سوف يدينك ..) وكررها بغلظة وعنف واضحين
وأشار البيان أن ذلك التهديد يدخل في دائرة ارهاب السلطة والتستر على الجريمة والجناة ويستلزم المحاسبة ، مبينا ان أسرة الصحفية زمزم تحمل مدير شرطة شمال دارفور مسئولية أي مكروه يصيبها في اي موقع داخل او خارج السودان ومن حق الصحفية زمزم رفع دعوى ضد مدير شرطة شمال دارفور.
هنادي عثمان..بلاغ كاذب ولكن:
من أبرز المخاوف التي تهدد حملة الاقلام من الصحفيين سن قوانين تتماشي مع هوى السلطة وهذا ما تخشى منه الصحفية هنادي عثمان أن يحدث في حادثة القبض عليها وهي في طريقها للطبيب..
واوضحت هنادي أن المجموعة عندما شاهدوا جوازها البريطاني خلال عملية التفتيش اتهموها بتقديم الدعم والتمويل الاجنبي للمحتجين وتوزيع الاموال على المتظاهرين حيث اقتادوها إلى مكاتب المباحث بالخرطوم رغم أنها وضحت لهم انها صحفية في طريقها إلى مقابلة الطبيب وفق موعد مسبق.
تقول هنادي عثمان في تصريحها ل(سودان برس) : انه تم التحقيق معها في بلاغ كاذب حسب ما ورد بالبلاغ انها تعمل على تمويل المتظاهرين غير أن افراد المباحث الذين حققوا معها على مدى (12) ساعة من الواحدة ظهرا حتى الثانية عشر ليلا أكدوا لها أن هذا البلاغ كبير وخطير ..
الأمر الذي جعل الصحفية هنادي عثمان تتوجس من الإيقاع بها في دائرة القوانين التي تخدم السلطة وتوقع بها في دائرة تقويض الحكومة..وأكدت أن المحققين طلبوا منها كتابة تعهد بعدم الخروج في اي تظاهرة سلمية بجانب الابلاغ عند اقدامها على السفر للخارج لأي من الأسباب علما بان هنادي عثمان تعمل مراسلة لاذاعة دبنقا منذ العام 2012.م وهي مقيم بالعاصمة البريطانية لندن وقد تبقى لها اسبوع واحد من اجازتها منذ شهرين.
أقلام شامخة رغم الكبت:
لم تكن حادثة إيقاف وتهديد الصحفيات الثلاث الوارد ذكرهن خلال هذا الاسبوع هي الأولى في حق الصحفيات السودانيات فقد تعرضن للكثير من المضايقات خاص في العهد البائد في مجال عملهن الصحفي او عبر عصا قانون النظام العام الذي يتم رفعها عند الحاجة ..منها حادثة الصحفية لبنى أحمد حسين (حادثة البنطال) التي حكمت فيها بالجلد(40) جلدة دون أن ينفذ الحكم بعد حملة الدفاع الاعلامية العالمية التي وجدتها تلك الحادثة وصدرت عنها مؤلفات بأكثر من لغة اجنبية ..فيما تعرضت الصحفية شمال النور لمضايقات مماثلة بمطار الخرطوم وتمت مصادرة جوازها وهاتفها النقال مما أحدث لها هبوط في الدورة الدموية تم اسعافها اى مستشفى الأمل الخاص بجهاز الأمن والمخابرات حينها ..كما تعرضت كل من الصحفية فاطمة غزالي وأمل هباني للسجن أكثر من مرة حيث تم حبس هباني تسع مرات في سبيل الرأي والجهر بالحقيقة.
نماذج سودانية مشرقة.. جوائز رغم الكبت:
رغم الظروف الصعبة وطبيعة العمل الصحفي بالسودان استطاعت الصحفية السودانية أن تحقق إنجازات وتفوق تجاوز الحدود الجغرافية إلى العالمية مع ان نسبة 60% فقط من جملة الصحفيات العاملات في المهنة يتقاضين أجر ثابت مع ذلك تفوقت نون النسوة وحققت جوائز عالمية عبر التقارير والتحقيقات الصحفية.
أمل هباني وجائزة جانيتا:
في العام ٢٠١٤.م حازت الصحفية السودانية أمل هباني على جائزة جانيتا سقان من قبل منظمة العفو الدولية بأمريكا والتي تمنح عادة للنشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان بالعالم ..حيث أكدت هباني في كلمتها لدى استلام الجائزة.
(هذه الجائزة هدية لجميع النساء والشابات السودانيات اللائي يقفن في وجه الحرب واللائي يظل وجودهن في الحياة وأمنهن في خطر..)..وأكدت الاستاذة أمل هباني كاتبة العمود الصحفي الأبرز (أشياء صغيرة) أكدت : إن هذه الجائزة ليست من حقها وحدها وأنما لكل النساء المدافعات عن حقوق الإنسان.
آمال عباس..سيدة الصحافة السودانية..
هنادي وهيام..جائزة طومسون والاتحاد الافريقي:
لم تقتصر المخاطر الصحفية على الرأي السياسي فحسب بل ان هنالك أقلام جريئة ناقشت قضايا رياضية تناولت جملة من التجاوزات والفساد الإداري الكبير ومن تلك الاقلام كانت الصحفية السودانية هيام السر الأعلى صوتا في هذا المجال حيث نالت هيام السر عام 2020.م جائزة الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية عن أفضل تحقيق رياضي مصور بالقارة الأفريقية..
فيما نالت الصحفية السودانية هنادي النور عام 2021.م جائزة طومسون فاونديشن والتي تمنحها مؤسسة طومسون البريطانية بالتنسيق مع المجلس الثقافي البريطاني بالخرطوم ..فيما نالت الصحفية ميسون عبدالرحمن جائزة الشارقة لافضل تغطية صحفية بمعرض الشارقة للكتاب بالخرطوم عام 2014.م تحت عنوان :
(32 عاما في حب الكلمة المقروءة)..واشارت لجنة التحكيم أن التغطية شملت الجانب الاجتماعي للمعرض ودعا التقرير الى وربط الاطفال بالقراءة بهدف تواصل الأجيال والتعريف بثقافة الآخرين حيث تم نشر التقرير بالعديد من الاصدارات العربية وجاءت السعودية ثانيا والإمارات ثالثا.
تهاني عباس وقائمة افضل (100) امرأة بالعالم:
لم تعد الكاتبة والناشطة تهاني عباس تقتصر جهودها في المحيط الكتابي بل كانت من المؤسسين لمبادرة (لا لقهر النساء ..) إلى جانب الناشطة أميرة عثمان رئيسة المبادرة التي تعرضت لكل انوع المضايقات والحبس والتعذيب.. لا لقهر النساء تلك المبادرة التي لعبت دورا كبيرا في تسليط الضوء على الاضهادات الممنهجة التي واجهتها المرأة السودانية بجانب فضح قانون النظام العام الذي كان سيفا على الكثير من النساء العاملات في مختلف المهن ..حيث نالت الناشطة تهاني عباس جائزة مارتين انستيت لحقوق الإنسان عام 2020.م لمناصرة قضايا المرأة .فيما اختارت هيئة الإذاعة البريطانية (بي. بي. سي) عام 2018.م تهاني عباس ضمن قائمة افضل (100) امرأة حول العالم تقديرا لجهودها في مناصرة قضايا المرأة والأطفال بالسودان.
.كما نالت الصحفية انعام النور محمد صالح من ولاية غرب دارفور (الجنينة) نالت جائزة المرأة العربية للإبداع من الاتحاد الدولي للفنون والصحافة والاعلام عام 2019.م في المسابقة التي نظمتها الأكاديمية الدولية للدراسات والعلوم الانسانية بالقاهرة وتعد الصحفية انعام النور أبرز أعضاء اتحاد الصحفيين والاعلاميين الأفارقة ورئيس مبادرة شباب من أجل العالم بالسودان.
نعمة الباقر ..والتحدي العالمي:
تعد الجائزة التي نالتها الاعلامية السودانية الشابة نعمة الباقر مراسلة قناة ال(سي إن إن ) هي الأرفع عالميا حيث نالت نعمة جائزة الفريد دو نونت من جامعة كولومبيا الأمريكية عن الصحافة الاستقصائية في تحقيقها عن عمالة الاطفال في الكنغو وشبكات التهريب في نيجيريا ..بجانب حكايات وروايات من الحرب في اليمن.
كما نالت نعمة الباقر عام 2019.م جائزة أفضل صحفي تلفزيوني ببريطانيا وهي أول صحفي من أصول عربية وأفريقيا تنال هذه الجائزة التي تمنحها جمعية التلفزيون الملكي وتم تسليم نعمة الباقر تلك الجائزة بالفعل بفندق هيلتون بلندن بحضور والدتها الاستاذة ابتسام عفان وشقيقتها الصغرى يسرى الباقر المذيعة بالقناة الرابعة التلفزيونية البريطانية.
يذكر ان نعمة عملت بوكالة رويترز والقناة الرابعة الأمريكية وتعد من كبار المراسلين بشبكة ال(سي إن إن) وهي من أسرة سودانية اعلامية معروفة والدها الدكتور الباقر أحمد عبدالله ناشر صحيفة الخرطوم والدتها ابتسام عفان المدير العام لذات المؤسسة.
إدانة وتوعد..
ادان بيان صادر عن شبكة الصحفيين السودانيين(S.J.Net ) الحملة الشعواء ضد الصحفيين .وقال البيان الصادر بتاريخ الجمعة 17 يونيو 2022.م والذي تحصل موقع (سودان برس) على نسخة منه : إن شبكة الصحفيين السودانيين تستهجن الحملة الامنية التي ترتقي لدرجة الجرائم ضد الصحفيين. وتأكد أن النظام القائم يعادي الصحافة الحرة بطريقة غير مسبوقة وارتفعت عمليات استهداف الصحفيين والاعلاميين والمصورين منذ وقوع الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر الماضي.
سودان برس