الخرطوم: نشأت الإمام
توتر كبير وذعر وترقب يسود أوساط المواطنين منذ الأمس بعد كشف الجيش السوداني أن تحركات قوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم وبعض المدن تمت دون موافقة قيادة القوات المسلحة أو مجرد التنسيق معها مما أثار الهلع والخوف في أوساط مواطنين.
وجاء بيان الجيش الذي لم يشر صراحة لما ينوي القيام به، عقب تمركز قوات الدعم السريع بالقرب من مطار مروي الذي توجد به قاعدة عسكرية للجيش، وقوة عسكرية مصرية ترابط في مطار مروي الدولي.
واحتدمت التوترات الأمنية بين الجيش وقوات الدعم السريع، بعد أن حشدت الأخيرة فجر الأربعاء حوالي مئة وعشرين مركبة عسكرية حول منطقة قاعدة مروى الجوية التي تتواجد بها طائرات عسكرية مصرية، وتوجه عدد من مواطنو مدينة مروي إلى مقر الجيش بالمدينة وطلبوا منه ابعاد قوات الدعم السريع عن المدينة، في وقت طالبت لجان مقاومة مروي في بيان لها اخلاء منطقة مروي من الوجود الأجنبي ومن قوات الدعم السريع في ذات الوقت.
ويأتي حشد الدعم السريع لقواته في المنطقة على خلفية التوتر المتصاعد بين الجيش والدعم السريع الذي يؤججه فلول النظام السابق، وتتهم قوات الدعم السريع النظام المصري بجلب طائراته إلى منطقة مروي لدعم الفلول حال اندلاع المواجهة بين الطرفين.
ويرى الخبير الاستراتيجي مزمل النذير أن “القوتين تعلمان تماماً أن اطلاق الرصاصة الأولى بينهما يمكن أن يحدث في أية لحظة، لكن من الصعب إنهاء هذا الصراع الذي سيتمد حريقه ليشمل كل السودان”.
وأكد النذير لـ”النهار العربي” أن “البيانات والبيانات المضادة بين الجانبين وصلت لمرحلة الاحتقان والمخاشنة، بل والتحركات العسكرية، وهذا الاختلاف يدعمه حالياً فلول النظام السابق في الجيش، إذ يرون الدعم السريع هو العقبة الكؤود التي تمنع عودتهم للسلطة بوقوفه مع الحل السياسي، وتباين موقفه عن موقف الجيش من العملية السياسية”.
ولم يستبعد النذير ضلوع جهات خارجية في هذا الصراع إذ يرى أن “الدعم السريع منتشر في كل السودان، لماذا تعالت هذه الأصوات الآن؟، أعتقد أن للأمر علاقة بجهات خارجية، إذ تستغل مصر مطار مروي وتدير ابراج مراقبته، وقامت من قبل بتدريبات مشتركة مع الجيش في ثلاث دورات وامتد وجودهم لعامين، ومصر حليفة البرهان وترى ان الجيش هو صمام الأمان لها، فيما يوالي الدعم السريع اثيوبيا، وله مصالح تجارية كبيرة تربطه بها، وترى اثيوبيا ان التحركات المصرية في السودان ربما تهدف مستقبلاً لتسديد ضربة عسكرية لسد النهضة، لذا صراع المصالح الدولية محتدم في هذه المنطقة، هذا اضافة لغنى مروي بالذهب الذي ربما يغري الجميع بالسعي وراءه”.
وفيما تنشط وساطات داخلية وخارجية لاحتواء الأزمة، يرى مراقبون أن الطرفين لن يجازفا بخوض صراع حقيقي بينهما، وذلك لمعرفة أحدهما بقوة الآخر، لا سيما وإن تفوق الجيش العسكري يكمن في السلاح الجوي، لكن القوة المدفعية يظل ميزان ترجيحها لصالح الدعم السريع، إضافة لخبرته الواسعة بحرب المدن، خاصة وأن هذه المواجهة إذا اندلعت فإنها ستعم معظم المدني السودانية، وذلك نسبة لانتشار هذه القوات في أغلبها.
لكن سيكون السودان ومواطنيه هم الخاسر الأكبر من نشوء مثل هذا الصراع، الذي ربما يقضي على ما تبقى من وطن أنهكته الحروبات وأرهقته الحكومات العسكرية بتحميله جرائر أطماعها في البقاء على السلطة، ويأمل المواطنون أن يقود العقلاء محادثات تنزع فتيل الأزمة، ويعيد الجميع إلى طاولة مفاوضات تفضي إلى حلول سياسية تقود لإستقرار البلاد، ووقف شبح الانهيار الذي بات يتهدد بقاءها.