الواضح إن مادفع الحكومة لإستصدار قانون جديد للصحافة والمطبوعات وإضافة الاعلام الالكتروني اليه هو عجزها عن كبح جماحه ومحاولة اخماد النيران المتطايرة من هنا وهناك اتجاهها.
ما من شك أن الدوائر الحكومية والسياسية عجزت عن مواكبة التطوارات المذهلة في مجال الإعلام الالكتروني، وظل اعلامها “يطبل” دون دراية انها ستقع في الفخ .. ومايؤكد ماذهبنا اليه أن اغلب القضايا الماثلة كانت من صنع او متابعة الاعلام الجديد، خاصة قضايا الفساد التي انتشرت على نطاق واسع مادفعها الى مطاردة من اسمتهم ب”القطط السمان” بذات وسائل الاعلام الجديد ووسائل قانونية اخرى.
بدعوة كريمة من المنظمة السودانية للحريات الصحفية لبينا دعوة كانت مخصصة لمناقشة “الصحافة الالكترونية” في ظل القانون الجديد للصحافة والمطبوعات، الذي اجازه مجلس الوزراء والأن في طريقه لمنضدة البرلمان، ومايحمد لمنظمة الحريات الصحفية انها إبتدرت النقاش حول القانون الذي اضيف اليه الإعلام الالكتروني، لكن مانعاب عليه انها جهلت او تجاهلت أهل الاختصاص واصحاب الشأن والعاملين على المواقع والصحف الالكترونية، كما تعمد مجلس الوزراء سابقآ، فمن ملاحظتي والتي ذكرتها في الورشة غياب أهل الاختصاص الا القليل منهم والاعتماد على الزملاء من الصحف الورقية.
في ظني أن الورشة رغم انها طرحت موضوع مهم للغاية إلا ان اغلب المتحدثين من المجلس القومي للصحافة والمطبوعات والمركز القومي للمعلومات واتحاد الصحفيين قد ركزوا على العقوبات والشروط، بل مالت الورشة الى وضع العراقيل أمام الصحافة الالكترونية، والتي كان يتوجب على الدولة دعمها وتقنينها بما يتواكب مع مايجري في العالم من تطور في هذا المجال، خاصة وانها صحافة عالمية ويمكن أن تعرف بالسودان خارجيآ وتثري المحتوى السوداني على الإنترنت. من غير الممكن أن يركز القانون على فرض رسوم على الصحافة الالكترونية والدولة لاتقدم لها اي مساعدة، وغير المفيد أن يلزم القانون اصحاب المواقع والصحف الالكترونية بايجاد مقار بمواصفات معينة وهي اصلآ “صحافة اونلاين” واغلب سيرفرات “دومن” هذه المواقع خارج السودان، وغير المجدي أن تعامل الصحافة الالكترونية معاملة الصحافة الورقية رغم الاختلاف الواضح بين الوسيلتين، ومن الغريب أن تحاول الحكومة عبر القانون الجديد تحجيم دور المواقع والصحف الالكترونية، وبالمقابل هناك دول في المغرب العربي وبعض الدول العربية تسهل بل تساهم في تأسيس وتوسيع نطاق الاعلام الالكتروني لتوسيع محتواها على شبكة الإنترنت، كان الاجدى أن يفصل قانون بمقاسات وحجم الصحافة الالكترونية كما هو معمول به في اغلب الدول.
لا أكشف لكم سرآ ان قلت لكم أن المواقع الالكترونية قد ساهمت وبشكل كبير في التقليل من الشائعات والأخبار المضروبة والكاذبة لأن الذين يعملون بها صحفيون محترفون بل هناك من تخصصوا في هذا المجال بدراسات عليا.
كثيرون يخلطون بين الاعلام الالكتروني والسوشيال ميديا، فالاول اعلام متخصص ويقوم عليه صحفيين محترفين يعملون بقوالب مهنية تراعي كافة جوانب إستجلاب المعلومة ونشرها، اما الثاني او مايعرف بوسائل التواصل الاجتماعي او صحافة المواطن فهي في أغلب الاحيان تعمل على اسلوب النسخ واللصق دون دراية بمضمون المادة او عواقبها.
في اعتقادي أن تأثير الصحافة الالكترونية يقتضي توسيع النقاش حول القانون الجديد والسماع لأهل الاختصاص، ومن الصعب التحكم في اعلام اسفيري تتطاير معلوماته في الهواء الطلق عبر العالم بقانون محلي يركز على العقوبات والشروط ويتناسى التطوير والمواكبة.
سودان برس